فصل: بَابُ النِّكَاحِ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الأم ***


بَابُ الْغُسْلِ بِفَضْلِ الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ‏:‏ لاَ بَأْسَ بِفَضْلِ الْمَرْأَةِ مَا لَمْ تَكُنْ حَائِضًا أَوْ جُنُبًا قَالَ مَالِكٌ‏:‏ لاَ بَأْسَ أَنْ يَغْتَسِلَ بِفَضْلِ الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ‏,‏ قُلْت لِلشَّافِعِيِّ أَنْتَ تَقُولُ بِقَوْلِ مَالِكٍ‏؟‏ قَالَ‏:‏ نَعَمْ وَلَسْت أَرَى قَوْلَ أَحَدٍ مَعَ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُجَّةً إنَّمَا تَرَكْتُهُ لِأَنَّ‏:‏ ‏{‏النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَغْتَسِلُ وَعَائِشَةُ فَإِذَا اغْتَسَلاَ مَعًا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَغْتَسِلُ بِفَضْلِ صَاحِبِهِ‏}‏ وَأَنْتُمْ تَجْعَلُونَ قَوْلَ ابْنِ عُمَرَ حُجَّةً عَلَى السُّنَّةِ وَتَجْعَلُونَ سُنَّةً أُخْرَى حُجَّةً عَلَيْهِ إنْ كُنْتُمْ تَرَكْتُمُوهُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ فَلَعَلَّكُمْ لاَ تَكُونُونَ تَرَكْتُمُوهُ عَلَيْهِ إلَّا بِشَيْءٍ عَرَفْتُمُوهُ‏.‏

بَابُ التَّيَمُّمِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّهُ أَقْبَلَ هُوَ وَابْنُ عُمَرَ مِنْ الْجُرْفِ حَتَّى إذَا كَانُوا بِالْمِرْبَدِ نَزَلَ فَتَيَمَّمَ صَعِيدًا فَمَسَحَ بِوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ ثُمَّ صَلَّى

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ ابْنِ عَجْلاَنَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ تَيَمَّمَ بِمِرْبَدِ الْغَنَمِ وَصَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ دَخَلَ الْمَدِينَةَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ فَلَمْ يُعِدْ الْعَصْرَ‏,‏ قُلْت لِلشَّافِعِيِّ‏:‏ فَإِنَّا نَقُولُ‏:‏ إذَا كَانَ الْمُسَافِرُ يَطْمَعُ بِالْمَاءِ فَلاَ يَتَيَمَّمُ إلَّا فِي آخَرِ الْوَقْتِ فَإِنْ تَيَمَّمَ قَبْلَ آخَرِ الْوَقْتِ وَصَلَّى ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ قَبْلَ ذَهَابِ الْوَقْتِ تَوَضَّأَ وَأَعَادَ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ رحمه الله تعالى‏:‏ هَذَا خِلاَفُ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ الْمِرْبَدُ بِطَرَفِ الْمَدِينَةِ وَقَدْ تَيَمَّمَ بِهِ ابْنُ عُمَرَ وَدَخَلَ وَعَلَيْهِ مِنْ الْوَقْتِ شَيْءٌ صَالِحٌ فَلَمْ يُعِدْ الصَّلاَةَ فَكَيْفَ خَالَفْتُمُوهُ فِي الْأَمْرَيْنِ مَعًا وَلاَ أَعْلَمُ أَحَدًا مِثْلَهُ قَالَ بِخِلاَفِهِ فَلَوْ قُلْتُمْ بِقَوْلِهِ ثُمَّ خَالَفَهُ غَيْرُكُمْ كُنْتُمْ شَبِيهًا أَنْ تَقُولُوا‏:‏ تُخَالِفُ ابْنَ عُمَرَ لِغَيْرِ قَوْلِ مِثْلِهِ ثُمَّ تُخَالِفُهُ أَيْضًا فِي الصَّلاَةِ وَابْنُ عُمَرَ إلَى أَنْ يُصَلِّيَ مَا لَيْسَ عَلَيْهِ أَقْرَبُ مِنْهُ إلَى أَنْ يَدَعَ صَلاَةً عَلَيْهِ

بَابُ الْوِتْرِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ قَالَ‏:‏ كُنْت مَعَ ابْنِ عُمَرَ بِمَكَّةَ وَالسَّمَاءُ مُتَغَيِّمَةٌ فَخَشِيَ ابْنُ عُمَرَ الصُّبْحَ فَأَوْتَرَ بِوَاحِدَةٍ ثُمَّ انْكَشَفَ الْغَيْمُ فَرَأَى عَلَيْهِ لَيْلاً فَشَفَعَ بِوَاحِدَةٍ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَأَنْتُمْ تُخَالِفُونَ ابْنَ عُمَرَ مِنْ هَذَا فِي مَوْضِعَيْنِ فَتَقُولُونَ‏:‏ لاَ يُوتَرُ بِوَاحِدَةٍ وَمَنْ أَوْتَرَ لاَ يَشْفَعُ وِتْرَهُ وَلاَ أَعْلَمُكُمْ تَحْفَظُونَ عَنْ أَحَدٍ أَنَّهُ قَالَ‏:‏ لاَ يَشْفَعُ وِتْرَهُ فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ‏:‏ مَا تَقُولُ أَنْتَ فِي هَذَا‏؟‏ قَالَ‏:‏ بِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ يُوتِرُ بِرَكْعَةٍ‏,‏ قُلْت‏:‏ أَفَتَقُولُ يَشْفَعُ وِتْرَهُ‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ لاَ فَقُلْت‏:‏ وَمَا حُجَّتُك فِيهِ‏؟‏ قَالَ‏:‏ رَوَيْنَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَرِهَ لِابْنِ عُمَرَ أَنْ يَشْفَعَ وِتْرَهُ وَقَالَ‏:‏ إذَا أَوْتَرْت فَاشْفَعْ مِنْ آخِرِهِ وَلاَ تُعِدْ وِتْرًا وَلاَ تَشْفَعْهُ وَأَنْتُمْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ لاَ تَقْبَلُونَ إلَّا حَدِيثَ صَاحِبِكُمْ وَلَيْسَ مِنْ حَدِيثِ صَاحِبِكُمْ خِلاَفُ ابْنِ عُمَرَ‏.‏

بَابُ الصَّلاَةِ بِمِنًى وَالنَّافِلَةِ فِي السَّفَرِ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي وَرَاءَ الْإِمَامِ بِمِنًى أَرْبَعًا فَإِذَا صَلَّى لِنَفْسِهِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ إذْ كَانَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ صَلَّى بِمِنًى أَرْبَعًا لِأَنَّهُ لاَ يَحْتَمِلُ إلَّا هَذَا أَوْ يَكُونُ الْإِمَامُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ مَكَّةَ يُتِمُّ بِمِنًى لِأَنَّ الْإِمَامَ فِي زَمَانِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ وَقَدْ أَتَمُّوا بِإِتْمَامِ عُثْمَانَ قَالَ‏:‏ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُسَافِرَ لَوْ أَتَمَّ بِقَوْمٍ لَمْ تَفْسُدْ صَلاَتُهُمْ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ لِأَنَّ صَلاَتَهُ لَوْ كَانَتْ تَفْسُدُ لَمْ يُصَلِّ مَعَهُ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَبِهَذَا نَقُولُ وَأَنْتُمْ تُخَالِفُونَ مَا رَوَيْتُمْ عَنْ ابْنِ عُمَرَ لِغَيْرِ رَأْيِ أَحَدٍ رَوَيْتُمُوهُ يُخَالِفُ ابْنَ عُمَرَ بَلْ مَعَ ابْنِ عُمَرَ فِيهِ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوَافِقُهُ وَتُخَالِفُونَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ عَابَ إتْمَامَ الصَّلاَةِ بِمِنًى ثُمَّ قَامَ فَأَتَمَّهَا فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ‏:‏ الْخِلاَفُ شَرٌّ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ يُفْسِدُ صَلاَتَهُ لَمْ يُتِمَّ وَخَالَفَ فِيهِ وَلَكِنَّهُ رَآهُ وَاسِعًا فَأَتَمَّ‏,‏ وَإِنْ كَانَ الْفَضْلُ عِنْدَهُ فِي الْقَصْرِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُصَلِّي مَعَ الْفَرِيضَةِ فِي السَّفَرِ شَيْئًا قَبْلَهَا وَلاَ بَعْدَهَا إلَّا مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَمَعْرُوفٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَيْبُ النَّافِلَةِ فِي النَّهَارِ فِي السَّفَرِ قَالَ مَالِكٌ لاَ بَأْسَ بِالنَّافِلَةِ فِي السَّفَرِ نَهَارًا‏,‏ قَالَ‏:‏ فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ فَإِنَّا نَقُولُ بِقَوْلِ صَاحِبِنَا فَقَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ كَيْفَ خَالَفْتُمْ ابْنَ عُمَرَ وَاسْتَحْبَبْتُمْ مَا كَرِهَ وَلَمْ أَعْلَمْكُمْ تَحْفَظُونَ فِيهِ شَيْئًا يُخَالِفُ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ احْتِجَاجَكُمْ بِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ اسْتِتَارٌ مِنْ النَّاسِ لِأَنَّهُ لاَ يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُخَالِفَ الْحُجَّةَ عِنْدَهُ‏.‏

بَابُ الْقُنُوتِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ لاَ يَقْنُتُ فِي شَيْءٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَأَنْتُمْ تَرَوْنَ الْقُنُوتَ فِي الصُّبْحِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ أَظُنُّهُ عَنْ أَبِيهِ ‏(‏الشَّكُّ مِنْ الرَّبِيعِ‏)‏ أَنَّهُ كَانَ لاَ يَقْنُتُ فِي شَيْءٍ مِنْ الصَّلاَةِ وَلاَ فِي الْوِتْرِ إلَّا أَنَّهُ كَانَ يَقْنُتُ فِي صَلاَةِ الْفَجْرِ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ الرَّكْعَةَ الْآخِرَةَ إذَا قَضَى قِرَاءَتَهُ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَأَنْتُمْ تُخَالِفُونَ عُرْوَةَ فَتَقُولُونَ‏:‏ يَقْنُتُ بَعْدَ الرُّكُوعِ فَقُلْت‏:‏ لِلشَّافِعِيِّ فَأَنْتَ تَيَقَّنْت فِي الصُّبْحِ بَعْدَ الرُّكُوعِ‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ نَعَمْ‏:‏ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَنَتَ ثُمَّ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ ثُمَّ عُثْمَانُ قُلْت‏:‏ فَقَدْ وَافَقْنَاكَ قَالَ‏:‏ أَجَلْ مِنْ حَيْثُ لاَ تَعْلَمُونَ وَمُوَافَقَتُكُمْ فِي هَذَا حُجَّةٌ عَلَيْكُمْ فِي غَيْرِهِ فَقُلْت مِنْ أَيْنَ‏؟‏ قَالَ‏:‏ أَنْتُمْ تَتْرُكُونَ الْحَدِيثَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَجِّ عَنْ الرَّجُلِ بِقِيَاسٍ عَلَى قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ وَتَقُولُونَ‏:‏ لاَ يَجْهَلُ ابْنُ عُمَرَ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْت‏:‏ لِلشَّافِعِيِّ‏:‏ قَدْ يَذْهَبُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ بَعْضُ السُّنَنِ وَيَذْهَبُ عَلَيْهِ حِفْظُ مَا شَاهَدَ مِنْهَا فَقَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَوَيَخْفَى عَلَيْهِ الْقُنُوتُ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَلَّمَ يَقْنُتُ عُمْرَهُ وَأَبُو بَكْرٍ أَوْ يَذْهَبُ عَلَيْهِ حِفْظُهُ‏؟‏ فَقُلْت‏:‏ نَعَمْ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَقَاوِيلُكُمْ مُخْتَلِفَةٌ كَيْفَ نَجِدُكُمْ تَرْوُونَ عَنْهُ إنْكَارَ الْقُنُوتِ وَيَرْوِي غَيْرُكُمْ مِنْ الْمَدَنِيِّينَ الْقُنُوتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخُلَفَائِهِ فَهَذَا يُبْطِلُ أَنَّ الْعَمَلَ كَمَا تَقُولُ فِي كُلِّ أَمْرٍ وَيُبْطِلُ قَوْلَكُمْ لاَ يَخْفَى عَلَى ابْنِ عُمَرَ سُنَّةٌ وَإِذَا جَازَ عَلَيْهِ أَنْ يَنْسَى أَوْ يَذْهَبَ عَلَيْهِ مَا شَاهَدَ كَانَ‏:‏ ‏{‏أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ امْرَأَةً أَنْ تَحُجَّ عَنْ أَبِيهَا‏}‏ مِنْ الْعِلْمِ مِنْ هَذَا أَوْلَى أَنْ يَذْهَبَ عَلَيْهِ وَلاَ يُجْعَلُ قَوْلُهُ حُجَّةً عَلَى السُّنَّةِ وَأَنَّهَا عَلَيْك فِي رَدِّ الْحَدِيثِ زَعَمْت أَنْ يَكُونَ لاَ يَذْهَبُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ فِي التَّشَهُّدِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَخَالَفْتُهُ إلَى قَوْلِ عُمَرَ فَإِذَا كَانَ التَّشَهُّدُ وَهُوَ مِنْ الصَّلاَةِ وَعِلْمُ الْعَامَّةِ مُخْتَلِفٌ فِيهِ بِالْمَدِينَةِ تُخَالِفُ فِيهِ ابْنَ عُمَرَ وَعُمَرَ وَعَائِشَةَ فَأَيْنَ الِاجْتِمَاعُ وَالْعَمَلُ مَا كَانَ يَنْبَغِي لِشَيْءٍ أَنْ يَكُونَ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ مُجْتَمَعًا عَلَيْهِ مِنْ التَّشَهُّدِ وَمَا رَوَى فِيهِ مَالِكٌ صَاحِبُك إلَّا ثَلاَثَةَ أَحَادِيثَ مُخْتَلِفَةٍ كُلِّهَا حَدِيثَانِ مِنْهَا يُخَالِفَانِ ‏(‏3‏)‏‏:‏ فِيهَا عُمَرَ وَعُمَرُ يُعَلِّمُهُمْ التَّشَهُّدَ عَلَى الْمِنْبَرِ ثُمَّ تُخَالِفُ فِيهَا ابْنَهُ وَعَائِشَةَ‏.‏ فَكَيْفَ إذَا ادَّعَى أَنْ يَكُونَ الْحَاكِمُ إذَا حَكَمَ ثُمَّ قَالَ‏:‏ أَوْ عَمِلَ أُجْمِعَ عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ وَمَا يَجُوزُ ادِّعَاءُ الْإِجْمَاعِ إلَّا بِخَبَرٍ وَلَوْ ذَهَبَ ذَاهِبٌ يُجِيزُهُ كَانَتْ الْأَحَادِيثُ رَدًّا لِإِجَازَتِهِ‏.‏

بَابُ الصَّلاَةِ قَبْلَ الْفِطْرِ وَبَعْدَهُ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ لَمْ يَكُنْ يُصَلِّي يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ الصَّلاَةِ وَلاَ بَعْدَهَا

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ الصَّلاَةِ وَبَعْدَهَا

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ إلَى الْمُصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَاَلَّذِي يُرْوَى الِاخْتِلاَفُ فَأَيْنَ الْإِجْمَاعُ إذَا كَانُوا يَخْتَلِفُونَ فِي مِثْلِ هَذَا مِنْ الصَّلاَةِ وَمَا تَقُولُونَ أَنْتُمْ‏,‏ قَالُوا‏:‏ لاَ نَرَى بَأْسًا أَنْ يُصَلِّيَ قَبْلَ الصَّلاَةِ وَبَعْدَهَا

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ فَإِذَا خَالَفْتُمْ ابْنَ عُمَرَ وَإِذَا جَازَ خِلاَفُ ابْنِ عُمَرَ فِي هَذَا لِقَوْلِ الرَّجُلِ مِنْ التَّابِعِينَ‏:‏ أَيَجُوزُ لِغَيْرِكُمْ خِلاَفُهُ لِقَوْلِ رَجُلٍ مِنْ التَّابِعِينَ أَوْ تُضَيِّقُونَ عَلَى غَيْرِكُمْ مَا تُوَسِّعُونَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَتَكُونُونَ غَيْرَ مُنْصِفِينَ وَيَكُونُ هَذَا غَيْرَ مَقْبُولٍ مِنْ أَحَدٍ وَيَجُوزُ أَنْ تَدَعَ عَلَى ابْنِ عُمَرَ لِرَجُلٍ مِنْ التَّابِعِينَ وَلِرَأْيِ صَاحِبِك وَتَجْعَلُ قَوْلَ ابْنِ عُمَرَ حُجَّةً عَلَى السُّنَّةِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ فِي صَلاَةِ الْخَوْفِ بِشَيْءٍ خَالَفْتُمُوهُ فِيهِ وَمَالِكٌ يَقُولُ‏:‏ لاَ أَرَاهُ حَكَى إلَّا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ يَرْوِيهِ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ يَشُكُّ فِيهِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ فَإِذَا تَرَكْتُمْ عَلَى ابْنِ عُمَرَ رَأْيَهُ وَرِوَايَتَهُ فِي صَلاَةِ الْخَوْفِ بِحَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَيْفَ تَتْرُكُونَ حَدِيثًا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَثْبَتَ مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ لِرَأْيِ ابْنِ عُمَرَ ثُمَّ تَدَعُونَ حَدِيثَ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ لِقَوْلِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ فَتَدَعُونَ السُّنَّةَ لِقَوْلِ سَهْلٍ فَمَا أَعْرِفُ لَكُمْ فِي الْعِلْمِ مَذْهَبًا يَصِحُّ وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ‏.‏

بَابُ نَوْمِ الْجَالِسِ وَالْمُضْطَجِعِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَنَامُ وَهُوَ قَاعِدٌ ثُمَّ يُصَلِّي وَلاَ يَتَوَضَّأُ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَهَكَذَا نَقُولُ وَإِنْ طَالَ ذَلِكَ لاَ فَرْقَ بَيْنَ طَوِيلِهِ وَقَصِيرِهِ إذَا كَانَ جَالِسًا مُسْتَوِيًا عَلَى الْأَرْضِ وَنَقُولُ‏:‏ إذَا كَانَ مُضْطَجِعًا أَعَادَ الْوُضُوءَ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ‏:‏ مَنْ نَامَ مُضْطَجِعًا وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ وَمَنْ نَامَ جَالِسًا فَلاَ وُضُوءَ عَلَيْهِ‏.‏ فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ‏:‏ فَإِنَّا نَقُولُ إنْ نَامَ قَلِيلاً قَاعِدًا لَمْ يُنْتَقَضْ وُضُوءُهُ وَإِنْ تَطَاوَلَ ذَلِكَ تَوَضَّأَ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَلاَ يَجُوزُ فِي النَّوْمِ قَاعِدًا إلَّا أَنْ يَكُونَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمُضْطَجِعِ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ سَوَاءٌ أَوْ خَارِجًا مِنْ ذَلِكَ الْحُكْمِ فَلاَ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ قَلِيلُهُ وَلاَ كَثِيرُهُ‏.‏ فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ‏:‏ فَإِنَّا نَقُولُ إنْ نَامَ قَلِيلاً قَاعِدًا لَمْ يُنْتَقَضْ وُضُوءُهُ وَإِنْ تَطَاوَلَ ذَلِكَ تَوَضَّأَ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ فَهَذَا خِلاَفُ ابْنِ عُمَرَ وَخِلاَفُ غَيْرِهِ وَالْخُرُوجُ مِنْ أَقَاوِيلِ النَّاسِ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ كَمَا حَكَى مَالِكٌ وَهُوَ لاَ يَرَى فِي النَّوْمِ قَاعِدًا وُضُوءًا وَقَوْلُ الْحَسَنِ مَنْ خَالَطَ النَّوْمُ قَلْبَهُ جَالِسًا وَغَيْرَ جَالِسٍ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ وَقَوْلُكُمْ خَارِجٌ مِنْهُمَا

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ بَالَ فِي السُّوقِ فَتَوَضَّأَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَدَعَا لِلْجِنَازَةِ فَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ ثُمَّ صَلَّى‏.‏ قُلْت لِلشَّافِعِيِّ فَإِنَّا نَقُولُ لاَ يَجُوزُ هَذَا إنَّمَا يَسْمَحُ بِحَضْرَةِ ذَلِكَ وَمَنْ صَنَعَ مِثْلَ هَذَا اسْتَأْنَفَ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ إنِّي لاََرَى خِلاَفَ ابْنِ عُمَرَ عَلَيْكُمْ خَفِيفًا لِرَأْيِ أَنْفُسِكُمْ لاَ بَلْ لاَ نَعْلَمُكُمْ تَرْوُونَ فِي هَذَا عَنْ أَحَدٍ شَيْئًا يُخَالِفُ قَوْلَ ابْنِ عُمَرَ وَإِنْ جَازَ زَلَلُ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَكُمْ وَإِنَّمَا زَعَمْتُمْ أَنَّ الْحُجَّةَ فِي قَوْلِ أَنْفُسِكُمْ فَلِمَ تَكَلَّفْتُمْ الرِّوَايَةَ عَنْ غَيْرِكُمْ وَقَدْ جَعَلْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِالْخِيَارِ تَقْبَلُونَ مَا شِئْتُمْ بِلاَ حُجَّةٍ‏.‏

بَابُ إسْرَاعِ الْمَشْيِ إلَى الصَّلاَةِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ الْإِقَامَةَ وَهُوَ بِالْبَقِيعِ فَأَسْرَعَ الْمَشْيَ إلَى الْمَسْجِدِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَكَرِهْتُمْ زَعَمْتُمْ إسْرَاعَ الْمَشْيِ إلَى الْمَسْجِدِ فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ‏:‏ نَحْنُ نَكْرَهُ الْإِسْرَاعَ إلَى الْمَسْجِدِ إذَا أُقِيمَتْ الصَّلاَةُ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ فَإِنْ كُنْتُمْ كَرِهْتُمُوهُ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏{‏إذَا أَتَيْتُمْ الصَّلاَةَ فَلاَ تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ وَائْتُوهَا تَمْشُونَ وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ‏}‏ فَقَدْ أَصَبْتُمْ وَهَكَذَا يَنْبَغِي لَكُمْ فِي كُلِّ أَمْرٍ لِرَسُولِ اللَّهِ فِيهِ سُنَّةٌ فَأَمَّا أَنَّ قِيَاسَ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ وَيُخْطِئُ الْقِيَاسُ عَلَيْهِ حُجَّةٌ عَلَى‏:‏ ‏{‏أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ امْرَأَةً تَحُجُّ عَنْ أَبِيهَا وَرَجُلاً يَحُجُّ عَنْ أَبِيهِ‏}‏ فَقَالَ‏:‏ لاَ يَحُجُّ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ‏:‏ لاَ يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ ‏"‏ فَكَيْفَ يَجُوزُ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَدَعَ مَا يُرْوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ إلَى مَا يُرْوَى عَنْ غَيْرِهِ ثُمَّ يَدَعُهُ لِقِيَاسٍ يُخْطِئُ فِيهِ وَهُوَ هُنَا يُصِيبُ فِي تَرْكِ مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ إذْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلاَفُهُ ثُمَّ يَزِيدُ فَيَخْرُجُ إلَى خِلاَفِ ابْنِ عُمَرَ مَعَهُ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ‏.‏

بَابُ رَفْعِ الْأَيْدِي فِي التَّكْبِيرِ

سَأَلْتُ الشَّافِعِيَّ عَنْ رَفْعِ الْأَيْدِي فِي الصَّلاَةِ فَقَالَ‏:‏ يَرْفَعُ الْمُصَلِّي يَدَيْهِ إذَا افْتَتَحَ الصَّلاَةَ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ رَفَعَهُمَا كَذَلِكَ وَلاَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ فَمَا الْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا هَذَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ قَوْلِنَا فَقُلْت‏:‏ فَإِنَّا نَقُولُ يَرْفَعُ فِي الِابْتِدَاءِ ثُمَّ لاَ يَعُودُ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إذَا ابْتَدَأَ الصَّلاَةَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَإِذَا رَفَعَ عَنْ الرُّكُوعِ رَفَعَهُمَا كَذَلِكَ وَهُوَ يَرَى‏:‏ ‏{‏عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ إذَا افْتَتَحَ الصَّلاَةَ رَفَعَ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ رَفَعَهُمَا كَذَلِكَ‏}‏ ثُمَّ خَالَفْتُمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَابْنَ عُمَرَ فَقُلْتُمْ‏:‏ لاَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إلَّا فِي ابْتِدَاءِ الصَّلاَةِ وَقَدْ رَوَيْتُمْ عَنْهُمَا أَنَّهُمَا رَفَعَا فِي الِابْتِدَاءِ وَعِنْدَ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَفَيَجُوزُ لِعَالِمٍ أَنْ يَتْرُكَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَابْنِ عُمَرَ لِرَأْيِ نَفْسِهِ أَوْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَأْيِ ابْنِ عُمَرَ ثُمَّ الْقِيَاسُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ ثُمَّ يَأْتِي مَوْضِعٌ آخَرُ وَيُصِيبُ فِيهِ يَتْرُكُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَيْفَ لَمْ يَنْهَهُ بَعْضُ هَذَا عَنْ بَعْضٍ‏؟‏ أَرَأَيْت إنْ جَازَ لَهُ أَنْ يَرْوِيَ‏:‏ ‏{‏عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رَفَعَ يَدَيْهِ فِي الصَّلاَةِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا‏}‏ وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ فِيهِ اثْنَتَيْنِ وَيَأْخُذُ بِوَاحِدَةٍ وَيَتْرُكُ وَاحِدَةً أَيَجُوزُ لِغَيْرِهِ تَرْكُ الَّذِي أَخَذَ بِهِ وَأَخْذُ الَّذِي تَرَكَ أَوْ يَجُوزُ لِغَيْرِهِ تَرْكُهُ عَلَيْهِ‏؟‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ لاَ يَجُوزُ لَهُ وَلاَ لِغَيْرِهِ تَرْكُ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ فَإِنَّ صَاحِبَنَا قَالَ‏:‏ مَا مَعْنَى رَفْعِ الْأَيْدِي

‏(‏قَالَ الشَّافِعِيُّ‏)‏‏:‏ هَذِهِ الْحُجَّةُ غَايَةٌ مِنْ الْجَهْلِ مَعْنَاهُ تَعْظِيمُ اللَّهِ وَاتِّبَاعُ السُّنَّةِ مَعْنَى الرَّفْعِ فِي الْأَوَّلِ مَعْنَى الرَّفْعِ الَّذِي خَالَفَ فِيهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَبَعْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنْ الرُّكُوعِ ثُمَّ خَالَفْتُمْ فِيهِ رِوَايَتَكُمْ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَابْنِ عُمَرَ مَعًا لِغَيْرِ قَوْلِ وَاحِدٍ رُوِيَ عَنْهُ رَفْعُ الْأَيْدِي فِي الصَّلاَةِ تَثْبُتُ رِوَايَتُهُ يَرْوِي ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ثَلاَثَةَ عَشَرَ أَوْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ رَجُلاً وَيُرْوَى عَنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ فَقَدْ تَرَكَ السُّنَّةَ‏.‏

بَابُ وَضْعِ الْأَيْدِي فِي السُّجُودِ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إذَا سَجَدَ يَضَعُ كَفَّيْهِ عَلَى الَّذِي يَضَعُ عَلَيْهِ وَجْهَهُ قَالَ‏:‏ وَلَقَدْ رَأَيْته فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الْبَرْدِ يُخْرِجُ يَدَيْهِ مِنْ تَحْتِ بُرْنُسٍ لَهُ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَبِهَذَا نَأْخُذُ وَهَذَا يُشْبِهُ سُنَّةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ ‏{‏أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُسْجَدَ عَلَى سَبْعٍ فَذَكَرَ مِنْهَا كَفَّيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ‏}‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ فَفَعَلَ فِي هَذَا بِمَا أَمَرَ بِهِ فَفَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَفْضَى بِيَدِهِ إلَى الْأَرْضِ وَإِنْ كَانَ الْبَرْدُ شَدِيدًا كَمَا يُفْضِي بِجَبْهَتِهِ إلَى الْأَرْضِ فَإِنْ كَانَ فَبِهَذَا كُلِّهِ نَقُولُ وَخَالَفْتُمْ هَذَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ حَيْثُ وَافَقَ سُنَّةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُمْ‏:‏ لاَ يُفْضِي بِيَدَيْهِ إلَى الْأَرْضِ فِي حَرٍّ وَلاَ بَرْدٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ‏.‏

بَابٌ مِنْ الصِّيَامِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ رحمه الله تعالى أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ سُئِلَ عَنْ الْمَرْأَةِ الْحَامِلِ إذَا خَافَتْ عَلَى وَلَدِهَا فَقَالَ‏:‏ تُفْطِرُ وَتُطْعِمُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا مُدًّا مِنْ حِنْطَةٍ قَالَ مَالِكٌ‏:‏ وَأَهْلُ الْعِلْمِ يَرَوْنَ عَلَيْهَا مِنْ ذَلِكَ الْقَضَاءَ قَالَ مَالِكٌ‏:‏ عَلَيْهَا الْقَضَاءُ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ‏:‏ ‏{‏فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ‏}‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَإِذَا كَانَ لَهُ أَنْ يُخَالِفَ ابْنَ عُمَرَ لِقَوْلِ الْقَاسِمِ وَيَتَأَوَّلَ فِي خِلاَفِ ابْنِ عُمَرَ الْقُرْآنَ وَلاَ يُقَلِّدَهُ فَيَقُولَ هَذَا أَعْلَمُ بِالْقُرْآنِ مِنَّا وَمَذْهَبُ ابْنِ عُمَرَ يَتَوَجَّهُ لِأَنَّ الْحَامِلَ لَيْسَتْ بِمَرِيضَةٍ الْمَرِيضُ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ وَالْحَامِلُ خَافَتْ عَلَى غَيْرِهَا لاَ عَلَى نَفْسِهَا فَكَيْفَ يَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ فِي مَوْضِعٍ حُجَّةً ثُمَّ الْقِيَاسُ عَلَى قَوْلِهِ حُجَّةٌ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُخْطِئُ الْقِيَاسُ فَيَقُولُ حِينَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ‏:‏ لاَ يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ لاَ يَحُجُّ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ قِيَاسًا عَلَى قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ وَتَرَكَ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ وَكَيْفَ جَازَ أَنْ يَتْرُكَ مَنْ اسْتَقَاءَ فِي رَمَضَانَ‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَلاَ كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَمَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلاَ قَضَاءَ عَلَيْهِ وَلاَ كَفَّارَةَ فَقُلْت‏:‏ وَمَا الْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ‏:‏ مَنْ اسْتَقَاءَ وَهُوَ صَائِمٌ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَمَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ‏.‏ فَقُلْت‏:‏ لِلشَّافِعِيِّ‏:‏ فَإِنَّا نَقُولُ ذَلِكَ مَنْ اسْتَقَاءَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَلاَ كَفَّارَةَ عَلَيْهِ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ فَمَا رَوَيْتُمْ مِنْ هَذَا عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ أَفْطَرَ وَهُوَ يَرَى الشَّمْسَ غَرَبَتْ ثُمَّ طَلَعَتْ فَقَالَ‏:‏ الْخَطْبُ يَسِيرٌ وَقَدْ اجْتَهَدْنَا - يَعْنِي قَضَاءَ يَوْمٍ مَكَانَ يَوْمٍ - الْحُجَّةُ لَنَا عَلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ إنْ وَافَقْتُمُوهُمَا فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ تُخَالِفُونَهُمَا فِيمَا هُوَ مِثْلُ مَعْنَاهُ قَالَ‏:‏ فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ وَمَا هَذَا الْمَوْضِعُ الَّذِي نُخَالِفُهُمَا فِي مِثْلِ مَعْنَاهُ‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ رَوَيْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ‏:‏ ‏{‏أَمَرَ رَجُلاً جَامَعَ امْرَأَتَهُ نَهَارًا فِي رَمَضَانَ أَنْ يُعْتِقَ أَوْ يَصُومَ أَوْ يَتَصَدَّقَ‏}‏ لاَ يُجْزِيهِ إلَّا بَعْدَ أَنْ لاَ يَجِدَ عِتْقًا وَلاَ يَسْتَطِيعَ الصَّوْمَ فَقُلْتُمْ لاَ يُعْتِقُ وَلاَ يَصُومُ وَيَتَصَدَّقُ فَخَالَفْتُمُوهُ فِي اثْنَتَيْنِ وَوَافَقْتُمُوهُ فِي وَاحِدَةٍ ثُمَّ زَعَمْتُمْ أَنَّ مَنْ أَفْطَرَ بِغَيْرِ جِمَاعٍ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَمَنْ اسْتَقَاءَ أَوْ أَفْطَرَ وَهُوَ يَرَى أَنَّ اللَّيْلَ قَدْ جَاءَ فَلِمَ كَانَا عِنْدَكُمْ مُفْطِرَيْنِ‏؟‏ ثُمَّ زَعَمْتُمْ أَنْ لَيْسَ عَلَيْهِمَا كَفَّارَةٌ بِالْإِجْمَاعِ فَلَمْ تُحْسِنُوا الِاتِّبَاعَ وَلاَ الْقِيَاسَ وَاَللَّهُ يَغْفِرُ لَنَا وَلَكُمْ‏.‏ فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ‏:‏ فَكَيْفَ كَانَ يَكُونُ الْقِيَاسُ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُجَامِعِ نَهَارًا فَقَالَ‏:‏ مَا قُلْنَا أَنْ لاَ يُقَاسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ غَيْرُهُ وَذَلِكَ أَنَّا لاَ نَعْلَمُ أَحَدًا خَالَفَ فِي أَنْ لاَ كَفَّارَةَ عَلَى مَنْ تَقَيَّأَ وَلاَ مَنْ أَكَلَ بَعْدَ الْفَجْرِ وَهُوَ يَرَى الْفَجْرَ لَمْ يَطْلُعْ وَلاَ قَبْلَ تَغِيبُ الشَّمْسُ وَهُوَ يَرَى أَنَّ الشَّمْسَ غَرَبَتْ وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُجْمِعَ النَّاسُ عَلَى خِلاَفِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ يَجُوزُ فِيهِ إلَّا مَا قُلْنَا مِنْ أَنْ لاَ كَفَّارَةَ إلَّا فِي الْجِمَاعِ اسْتِدْلاَلاً بِمَا وَصَفْت مِنْ الْأَمْرِ الَّذِي لاَ أَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا وَأَنْ أَنْظُرَ فَأَيُّ حَالٍ جَعَلْت فِيهَا الصَّائِمَ مُفْطِرًا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ جَعَلْت عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ فَأَقُولُ ذَلِكَ فِي الْمُحْتَقِنِ وَالْمُسْتَعِطِ وَالْمُزْدَرِدِ الْحَصَى وَالْمُفْطِرِ قَبْلَ تَغِيبُ الشَّمْسُ وَالْمُتَسَحِّرِ بَعْدَ الْفَجْرِ وَهُوَ يَرَى أَنَّ الْفَجْرَ لَمْ يَطْلُعْ وَالْمُسْتَقِيءِ وَغَيْرِهِ وَيَلْزَمُك فِي الْآكِلِ النَّاسِي أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ لِأَنَّك تَجْعَلُ ذَلِكَ فِطْرًا لَهُ وَأَنْتَ تَتْرُكُ الْحَدِيثَ نَفْسَهُ ثُمَّ تَدَّعِي فِيهِ الْقِيَاسَ ثُمَّ لاَ تَقُومُ مِنْ الْقِيَاسِ عَلَى شَيْءٍ تَعْرِفُهُ‏.‏

بَابٌ فِي الْحَجِّ

قَالَ‏:‏ سَأَلْتُ الشَّافِعِيَّ هَلْ يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ مِنْ غَيْرِ جَنَابَةٍ‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ نَعَمْ وَالْمَاءُ يَزِيدُهُ شَعَثًا وَقَالَ‏:‏ الْحُجَّةُ فِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَسَلَ رَأْسَهُ ثُمَّ غَسَلَهُ عُمَرُ قُلْت‏:‏ كَيْفَ ذَكَرَ مَالِكٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ‏؟‏ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لاَ يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ إلَّا مِنْ الِاحْتِلاَمِ قَالَ‏:‏ وَنَحْنُ وَمَالِكٌ لاَ نَرَى بَأْسًا أَنْ يَغْسِلَ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ فِي غَيْرِ احْتِلاَمٍ وَيُرْوَى عَنْ‏:‏ ‏{‏النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ اغْتَسَلَ وَهُوَ مُحْرِمٌ‏}‏ قُلْت فَهَكَذَا نَقُولُ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَإِذَا تُرِكَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعُمَرَ فَهَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ تَتْرُكُوا عَلَيْهِ لِكُلِّ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلاَفُهُ وَإِذَا وُجِدَ فِي الرِّوَايَةِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَا يُخَالِفُ مَا يُرْوَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعُمَرَ فَيَنْبَغِي فِي مَرَّةٍ أُخْرَى أَنْ لاَ تُنْكِرُوا أَنْ يَذْهَبَ عَلَى ابْنِ عُمَرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُنَّةٌ وَقَدْ يَذْهَبُ عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ السُّنَنُ وَلَوْ عَلِمَهَا مَا خَالَفَهَا وَلاَ رَغِبَ عَنْهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ فَلاَ تَغْفُلْ فِي الْعِلْمِ وَتَخْتَلِفْ أَقَاوِيلُك فِيهِ بِلاَ حُجَّةٍ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ رحمه الله تعالى أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَكْرَهُ لُبْسَ الْمِنْطَقَةِ لِلْمُحْرِمِ فَقُلْت‏:‏ لِلشَّافِعِيِّ‏:‏ فَإِنَّهُ يُخَالِفُ ابْنَ عُمَرَ وَيَقُولُ بِقَوْلِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ إنَّ مَنْ اسْتَجَازَ خِلاَفَ ابْنِ عُمَرَ وَلَمْ يُرْوَ خِلاَفُهُ إلَّا عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ حَقِيقٌ أَنْ لاَ يُخَالِفَ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ رحمه الله تعالى أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ‏:‏ ‏{‏مَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ‏}‏ بَعِيرٌ أَوْ بَقَرَةٌ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَنَحْنُ وَأَنْتَ نَقُولُ‏:‏ ‏{‏مَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ‏}‏ شَاةٌ وَيَرْوِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَإِذَا جَازَ لَنَا أَنْ نَتْرُكَ عَلَى ابْنِ عُمَرَ لِابْنِ عَبَّاسٍ كَانَ التَّرْكُ عَلَيْهِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاجِبًا‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ كَانَ إذَا أَفْطَرَ مِنْ رَمَضَانَ وَهُوَ يُرِيدُ الْحَجَّ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ رَأْسِهِ وَلاَ مِنْ لِحْيَتِهِ شَيْئًا حَتَّى يَحُجَّ قَالَ مَالِكٌ‏:‏ لَيْسَ يَضِيقُ أَنْ يَأْخُذَ الرَّجُلُ مِنْ رَأْسِهِ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَأَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إذَا حَلَقَ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَخَذَ مِنْ لِحْيَتِهِ وَشَارِبِهِ قُلْت‏:‏ فَإِنَّا نَقُولُ لَيْسَ عَلَى أَحَدٍ الْأَخْذُ مِنْ لِحْيَتِهِ وَشَارِبِهِ إنَّمَا النُّسُكُ فِي الرَّأْسِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَهَذَا مِمَّا تَرَكْتُمْ عَلَيْهِ بِغَيْرِ رِوَايَةٍ عَنْ غَيْرِهِ عِنْدَكُمْ عَلِمْتُهَا‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إذَا خَرَجَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا قَصَرَ الصَّلاَةَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ قُلْت‏:‏ فَإِنَّا نَقُولُ يَقْصُرُ الصَّلاَةَ إذَا جَاوَزَ الْبُيُوتَ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ فَهَذَا مِمَّا تَرَكْتُمْ عَلَى ابْنِ عُمَرَ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الثَّقَفِيِّ أَنَّهُ سَأَلَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَهُمَا غَادِيَانِ مِنْ مِنًى إلَى عَرَفَةَ كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ فِي هَذَا الْيَوْمِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ‏؟‏ قَالَ‏:‏ كَانَ يُهِلُّ الْمُهِلُّ مِنَّا فَلاَ يُنْكِرُ عَلَيْهِ وَيُكَبِّرُ الْمُكَبِّرُ مِنَّا فَلاَ يُنْكِرُ عَلَيْهِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ‏:‏ كُلُّ ذَلِكَ قَدْ رَأَيْت النَّاسَ يَفْعَلُونَهُ وَأَمَّا نَحْنُ فَنُكَبِّرُ‏.‏ قُلْت لِلشَّافِعِيِّ‏:‏ فَإِنَّا نَقُولُ‏:‏ يُلَبِّي حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ وَيُلَبِّي وَهُوَ غَادٍ مِنْ مِنًى إلَى عَرَفَةَ وَلاَ يُكَبِّرُ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ فَهَذَا خِلاَفُ مَا رَوَى صَاحِبُكُمْ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مِنْ اخْتِيَارِ التَّكْبِيرِ وَكَرَاهَتُكُمْ التَّكْبِيرَ مَعَ خِلاَفِ ابْنِ عُمَرَ خِلاَفُ مَا زَعَمْتُمْ أَنَّهُ كَانَ يَصْنَعُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلاَ يُنْكِرُ عَلَيْهِ فَقَدْ كَانُوا يَخْتَلِفُونَ فِي النُّسُكِ وَبَعْدَهُ فَكَيْفَ ادَّعَيْت الْإِجْمَاعَ فِي كُلِّ أَمْرٍ وَأَنْتَ تَرْوِي الِاخْتِلاَفَ فِي النُّسُكِ زَمَانَ النَّبِيِّ وَبَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَرْوِي الِاخْتِلاَفَ فِي الصَّوْمِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَعْدَهُ فَتَقُولُ عَنْ أَنَسٍ‏:‏ ‏{‏سَافَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَعِبْ الصُّيَّامُ عَلَى الْمُفْطِرِينَ وَلاَ الْمُفْطِرُونَ عَلَى الصَّائِمِينَ‏}‏ وَقَدْ اخْتَلَفَ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَهُ فِي غَيْرِ شَيْءٍ‏.‏ قُلْت لِلشَّافِعِيِّ‏:‏ فَمَا تَقُولُ أَنْتَ فِيهِ‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ أَقُولُ إنَّ هَذَا خَيْرٌ وَأَمْرٌ يُتَقَرَّبُ بِهِ إلَى اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ الْأَمْرُ فِيهِ وَالِاخْتِلاَفُ وَاسِعٌ وَلَيْسَ الْإِجْمَاعُ كَمَا ادَّعَيْتُمْ إذَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ إجْمَاعٌ فَهُوَ بِالْبُلْدَانِ وَإِذَا كَانَ بِهَا اخْتِلاَفٌ اخْتَلَفَ الْبُلْدَانُ فَأَمَّا حَيْثُ تَدَّعُونَ الْإِجْمَاعَ فَلَيْسَ بِمَوْجُودٍ‏.‏ قَالَ‏:‏ وَسَأَلْتُ الشَّافِعِيَّ عَنْ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَقَالَ‏:‏ حَسَنَةٌ أَسْتَحْسِنُهَا وَهِيَ أَحَبُّ مِنْهَا بَعْدَ الْحَجِّ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ‏}‏ وَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ‏:‏ ‏{‏دَخَلَتْ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ‏}‏ وَلِأَنَّ‏:‏ ‏{‏النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَصْحَابَهُ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ أَنْ يَجْعَلَ إحْرَامَهُ عُمْرَةً‏}‏‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ صَدَقَةَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ‏:‏ وَاَللَّهِ لاََنْ أَعْتَمِرَ قَبْلَ أَنْ أَحُجَّ وَأُهْدِي أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَمِرَ بَعْدَ الْحَجِّ فِي ذِي الْحِجَّةِ فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ‏:‏ فَإِنَّا نَكْرَهُ الْعُمْرَةَ قَبْلَ الْحَجِّ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ فَقَدْ كَرِهْتُمْ مَا رَوَيْتُمْ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَحَبَّهُ مِنْهَا وَمَا رَوَيْتُمْ عَنْ‏:‏ ‏{‏عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ‏:‏ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَمِنَّا مَنْ جَمَعَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ‏}‏ فَلِمَ كَرِهْتُمْ مَا رُوِيَ أَنَّهُ فُعِلَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا ابْنُ عُمَرَ اسْتَحْسَنَهُ وَمَا أَذِنَ اللَّهُ فِيهِ مِنْ التَّمَتُّعِ إنَّ هَذَا لَسُوءُ الِاخْتِيَارِ وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ‏.‏

بَابُ الْإِهْلاَلِ مِنْ دُونِ الْمِيقَاتِ

قَالَ‏:‏ سَأَلْتُ الشَّافِعِيَّ عَنْ الْإِهْلاَلِ مِنْ دُونِ الْمِيقَاتِ فَقَالَ‏:‏ حَسَنٌ قُلْت لَهُ‏:‏ وَمَا الْحُجَّةُ فِيهِ‏؟‏ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَهَلَّ مِنْ إيلْيَاءُ وَإِذَا كَانَ ابْنُ عُمَرَ رَوَى‏:‏ ‏{‏عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ وَقَّتَ الْمَوَاقِيتَ وَأَهَلَّ مِنْ إيلْيَاءُ‏}‏ وَإِنَّمَا رَوَى عَطَاءٌ‏:‏ ‏{‏عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَمَّا وَقَّتَ الْمَوَاقِيتَ قَالَ‏:‏ يَسْتَمْتِعُ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِهِ وَثِيَابِهِ حَتَّى يَأْتِيَ مِيقَاتُهُ‏}‏ فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُحْظَرْ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ وَرَائِهِ وَلَكِنَّهُ أَمَرَ أَنْ لاَ يُجَاوِزَهُ حَاجٌّ وَلاَ مُعْتَمِرٌ إلَّا بِإِحْرَامٍ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ قُلْت لِلشَّافِعِيِّ‏:‏ فَإِنَّا نَكْرَهُ أَنْ يُهِلَّ أَحَدٌ مِنْ وَرَاءِ الْمِيقَاتِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَكَيْفَ كَرِهْتُمْ مَا اخْتَارَ ابْنُ عُمَرَ لِنَفْسِهِ وَقَالَهُ مَعَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ إتْمَامُ الْعُمْرَةِ أَنْ تُحْرِمَ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِك مَا أَعْلَمُهُ يُؤْخَذُ عَلَى أَحَدٍ أَكْثَرُ مِمَّا يُؤْخَذُ عَلَيْكُمْ مِنْ خِلاَفِ مَا رَوَيْت وَرَوَى غَيْرُك عَنْ السَّلَفِ‏.‏

بَابٌ فِي الْغُدُوِّ مِنْ مِنًى إلَى عَرَفَةَ قَالَ‏:‏ سَأَلْتُ الشَّافِعِيَّ عَنْ الْغُدُوِّ مِنْ مِنًى إلَى عَرَفَةَ يَوْمَ عَرَفَةَ فَقَالَ‏:‏ لَيْسَ فِيهِ ضِيقٌ وَاَلَّذِي أَخْتَارُ أَنْ يَغْدُوَ إذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَغْدُو مِنْ مِنًى إلَى عَرَفَةَ إذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ قَالَ‏:‏ فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ‏:‏ فَإِنَّا نَكْرَهُ هَذَا وَنَقُولُ‏:‏ يَغْدُو مِنْ مِنًى إذَا صَلَّى الصُّبْحَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ فَكَيْفَ لَمْ تَتَّبِعُوا ابْنَ عُمَرَ وَقَدْ حَجَّ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخُلَفَائِهِ وَكَانَ الْحَجُّ خَاصَّةً مِمَّا يُنْسَبُ ابْنُ عُمَرَ عِنْدَهُمْ إلَى الْعِلْمِ بِهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ‏:‏ ‏{‏أَنَّهُ غَدَا مِنْ مِنًى حِينَ طَلَعَتْ الشَّمْسُ‏}‏ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ‏:‏ السُّنَّةُ أَنْ يَغْدُوَ الْإِمَامُ مِنْ مِنًى إذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَعَمَّنْ رَوَيْتُمْ كَرَاهِيَةَ هَذَا

بَابُ قَطْعِ التَّلْبِيَةِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ رحمه الله تعالى‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ فِي الْحَجِّ إذَا انْتَهَى إلَى الْحَرَمِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ حَجَّ فِي الْفِتْنَةِ فَأَهَلَّ ثُمَّ نَظَرَ فَقَالَ‏:‏ مَا أَمْرُهُمَا إلَّا وَاحِدٌ أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْت الْحَجَّ مَعَ الْعُمْرَةِ وَنَحْنُ لاَ نَرَى بِهَذَا بَأْسًا فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ‏:‏ فَإِنَّا نَكْرَهُ أَنْ يُقْرَنَ الْحَجُّ مَعَ الْعُمْرَةِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ فَكَيْفَ كَرِهْتُمْ غَيْرَ مَكْرُوهٍ وَخَالَفْتُمْ مَنْ لاَ يَنْبَغِي لَكُمْ خِلاَفُهُ‏؟‏ وَمَا نَرَاكُمْ تُبَالُونَ مَنْ خَالَفْتُمْ إذَا شِئْتُمْ‏.‏

بَابُ النِّكَاحِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَابْنَ عُمَرَ سُئِلاَ عَنْ رَجُلٍ كَانَتْ تَحْتَهُ امْرَأَةٌ حُرَّةٌ فَأَرَادَ أَنْ يَنْكِحَ عَلَيْهَا أَمَةً فَكَرِهَا أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ‏:‏ لاَ تُنْكَحُ الْأَمَةُ عَلَى الْحُرَّةِ فَإِنْ أَطَاعَتْ فَلَهَا الثُّلُثَانِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَهَذَا مِمَّا تَرَكْتُمْ بِغَيْرِ رِوَايَةٍ عَنْ غَيْرِهِ عِنْدَكُمْ عَلِمْتُهَا فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ‏:‏ فَإِنَّا نَكْرَهُ أَنْ يَنْكِحَ أَحَدٌ أَمَةً وَهُوَ يَجِدُ طَوْلاً لِحُرَّةٍ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ فَقَدْ خَالَفْتُمْ مَا رَوَيْتُمْ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَكْرَهَا فِي رِوَايَتِكُمْ إلَّا الْجَمْعَ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ لاَ أَنَّهُمَا كَرِهَا مَا كَرِهْتُمْ وَهَكَذَا خَالَفْتُمْ مَا رَوَيْتُمْ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَهَلْ رَوَيْتُمْ فِي قَوْلِكُمْ شَيْئًا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخِلاَفِهِ فَقُلْت‏:‏ مَا عَلِمْت فَقَالَ‏:‏ فَكَيْفَ اسْتَجَزْتُمْ خِلاَفَ مَنْ شِئْتُمْ لِقَوْلِ أَنْفُسِكُمْ‏؟‏‏.‏

بَابُ التَّمْلِيكِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ‏:‏ إذَا مَلَّكَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَالْقَضَاءُ مَا قَضَتْ إلَّا أَنْ يُنَاكِرَهَا الرَّجُلُ فَيَقُولَ لَهَا‏:‏ لَمْ أُرِدْ إلَّا تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً فَيَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ وَيَكُونُ أَمْلَكَ بِهَا مَا كَانَتْ فِي عِدَّتِهَا

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا عِنْدَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَأَتَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَتِيقٍ وَعَيْنَاهُ تَدْمَعَانِ‏.‏ فَقَالَ لَهُ زَيْدٌ‏:‏ مَا شَأْنُك‏؟‏ قَالَ‏:‏ مَلَّكْت امْرَأَتِي أَمْرَهَا فَفَارَقَتْنِي فَقَالَ لَهُ زَيْدٌ‏:‏ مَا حَمَلَك عَلَى ذَلِكَ‏؟‏ فَقَالَ لَهُ‏:‏ الْقَدْرُ فَقَالَ لَهُ زَيْدٌ‏:‏ ارْتَجِعْهَا إنْ شِئْت وَإِنَّمَا هِيَ وَاحِدَةٌ وَأَنْتَ أَمْلَكُ بِهَا

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ رَجُلاً مِنْ ثَقِيفٍ مَلَّكَ امْرَأَتَهُ أَمْرَهَا فَقَالَتْ‏:‏ أَنْتَ الطَّلاَقُ فَسَكَتَ ثُمَّ قَالَتْ‏:‏ أَنْتَ الطَّلاَقُ فَقَالَ‏:‏ بِفِيك الْحَجَرُ فَقَالَتْ‏:‏ أَنْتَ الطَّلاَقُ فَقَالَ‏:‏ بِفِيك الْحَجَرُ فَاخْتَصَمَا إلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ فَاسْتَحْلَفَهُ مَا مَلَّكَهَا إلَّا وَاحِدَةً وَرَدَّهَا إلَيْهِ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ‏:‏ فَكَانَ الْقَاسِمُ يُعْجِبُهُ هَذَا الْقَضَاءُ وَيَرَاهُ أَحْسَنَ مَا سَمِعَ فِي ذَلِكَ قُلْت لِلشَّافِعِيِّ‏:‏ إنَّا نَقُولُ فِي الْمُخَيَّرَةِ إذَا اخْتَارَتْ نَفْسَهَا هِيَ ثَلاَثٌ وَفِي الَّتِي يُجْعَلُ أَمْرُهَا بِيَدِهَا أَوْ تَمْلِكُ أَمْرَهَا أَيَّمَا تَمَلُّكٍ الْقَضَاءُ مَا قَضَتْ إلَّا أَنْ يُنَاكِرَهَا زَوْجُهَا

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ هَذَا خِلاَفُ مَا رَوَيْتُمْ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَخِلاَفُ مَا رَوَى غَيْرُكُمْ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِمَا فَأَجْعَلُك اخْتَرْت قَوْلَ ابْنِ عُمَرَ عَلَى قَوْلِ مَنْ خَالَفَهُ فِي الْمُمَلَّكَةِ فَإِلَى قَوْلِ مَنْ ذَهَبْتَ فِي الْمُخَيَّرَةِ‏؟‏ وَعَمَّنْ تَقُولُ أَنَّ اخْتَارِي وَأَمْرُك بِيَدِك سَوَاءٌ وَأَنْتَ لاَ نَعْلَمُك رَوَيْت فِي الْمُخَيَّرَةِ عَنْ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلاً يُوَافِقُ قَوْلَك فَإِنْ رَوَيْت فِي هَذَا اخْتِلاَفًا عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَيْفَ ادَّعَيْت الْإِجْمَاعَ‏؟‏ وَإِذَا حَكَيْت فَأَكْثَرُ مَا تَحْكِي الِاخْتِلاَفُ‏.‏

بَابُ الْمُتْعَةِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ‏:‏ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مُتْعَةٌ إلَّا الَّتِي تُطَلِّقُ وَقَدْ فَرَضَ لَهَا الصَّدَاقَ وَلَمْ تُمَسَّ فَحَسْبُهَا مَا فَرَضَ لَهَا

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ مِثْلَهُ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ‏:‏ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مُتْعَةٌ فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ‏:‏ فَإِنَّا نَقُولُ خِلاَفَ قَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ فَبِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ قُلْتُمْ وَأَنْتُمْ تُخَالِفُونَهُ قَالَ‏:‏ فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ وَأَيْنَ‏؟‏ قَالَ‏:‏ زَعَمْتُمْ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ‏:‏ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مُتْعَةٌ إلَّا الَّتِي فُرِضَ لَهَا وَلَمْ تُمَسَّ فَحَسْبُهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ وَهَذَا يُوَافِقُ الْقُرْآنَ فِيهِ وَقَوْلُهُ فِيمَنْ سِوَاهَا مِنْ الْمُطَلَّقَاتِ أَنَّ لَهَا مُتْعَةً يُوَافِقُ الْقُرْآنَ لِقَوْلِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ‏:‏ ‏{‏لاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ‏}‏ وَقَالَ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ‏:‏ ‏{‏وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ‏}‏ قُلْت‏:‏ فَإِنَّمَا ذَهَبْنَا إلَى أَنَّ هَذَا إنَّمَا هُوَ لِمَنْ ابْتَدَأَ الزَّوْجُ طَلاَقَهُ فِيهَا أَرَأَيْت الْمُخْتَلِعَةَ وَالْمُمَلَّكَةَ فَإِنَّ هَاتَيْنِ طَلَّقَتَا أَنْفُسَهُمَا قَالَ‏:‏ أَلَيْسَ الزَّوْجُ مَلَّكَهَا ذَلِكَ وَمَلَّكَهُ الَّتِي حَلَفَ أَنْ لاَ تَخْرُجَ فَخَرَجَتْ وَمَلَّكَهُ رَجُلاً يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ ثُمَّ فَرَّقْت بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ الْمُطَلَّقَاتِ فِي الْمُتْعَةِ ثُمَّ فَرَّقْت بَيْنَ أَنْفُسِهِنَّ وَكُلُّهُنَّ طَلَّقَهَا غَيْرُ الزَّوْجِ إلَّا أَنَّ ابْتِدَاءَ الطَّلاَقِ الَّذِي بِهِ كَانَ مِنْ الزَّوْجِ‏؟‏ فَإِنْ قُلْت‏:‏ لِأَنَّ اللَّهَ إنَّمَا ذَكَرَ الْمُطَلَّقَاتِ وَالْمُطَلَّقَاتُ الْمَرْأَةُ يُطَلِّقُهَا زَوْجُهَا فَإِنْ اخْتَلَعَتْ عِنْدَك فَلَيْسَ الزَّوْجُ هُوَ الْمُطَلِّقَ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ قَبْلَ الطَّلاَقِ شَيْئًا لَزِمَك أَنْ تُخَالِفَ مَعْنَى الْقُرْآنِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ‏:‏ ‏{‏وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ‏}‏ فَإِنْ زَعَمْتَ أَنَّ الْمُمَلَّكَةَ وَالْمُخْتَلِعَةَ وَمَنْ سَمَّيْنَا مِنْ النِّسَاءِ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ مُطَلَّقَاتٌ لِأَنَّ الطَّلاَقَ جَاءَ مِنْ الزَّوْجِ إذَا قَبِلَ الْخُلْعَ وَجَعَلَ إلَيْهِنَّ الطَّلاَقَ وَإِلَى غَيْرِهِنَّ فَطَلَّقَهُنَّ فَهُوَ الْمُطَلِّقُ وَعَلَيْهِ يَحْرُمْنَ فَكَذَلِكَ الْمُخْتَلِعَاتُ وَمَنْ سَمَّيْنَا مِنْهُنَّ مُطَلَّقَاتٌ لَهُنَّ الْمُتْعَةُ فِي كِتَابِ اللَّهِ ثُمَّ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ‏,‏ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

بَابُ الْخَلِيَّةِ وَالْبَرِّيَّةِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْخَلِيَّةِ وَالْبَرِيَّةِ ثَلاَثًا ثَلاَثًا

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ مَذْهَبُ ابْنِ عُمَرَ فِيهِ وَمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَهُ أَنَّ الْخَلِيَّةَ وَالْبَرِيَّةَ تَقُومُ مَقَامَ قَوْلِهِ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلاَثًا وَلاَ يَنْوِيهِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَمَنْ قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا وَغَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا‏:‏ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلاَثًا وَقَعَتْ عَلَيْهِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ عَامَّةِ الْمُفْتِينَ وَعِنْدَكُمْ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ لَنَا‏:‏ قَدْ خَالَفْتُمْ ابْنَ عُمَرَ فِي بَعْضِ هَذَا الْقَوْلِ وَوَافَقْتُمُوهُ فِي بَعْضٍ فَقُلْتُمْ الْخَلِيَّةُ وَالْبَرِيَّةُ ثَلاَثٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا فَلاَ يَدِينُ وَيَدِينُ فِي الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا ثَلاَثًا أَرَادَ أَوْ وَاحِدَةً فَلاَ أَنْتُمْ قُلْتُمْ كَمَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَمَنْ قَالَ قَوْلَهُ فَيَقُولُ‏:‏ لاَ أَلْتَفِتُ أَنْ يَدِينَ الْمُطَلِّقُ وَأَسْتَعْمِلُ عَلَيْهَا الْأَغْلَبَ وَلاَ أَنْتُمْ ذَهَبْتُمْ إذْ كَانَ الْكَلاَمُ مِنْهُ يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ إلَى أَنْ يُجْعَلَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ وَلَكِنَّكُمْ خَالَفْتُمْ هَذَا مَعًا فِي مَعْنًى وَوَافَقْتُمُوهُ مَعًا فِي مَعْنًى وَمَا لِلنَّاسِ فِيهَا قَوْلٌ إلَّا قَدْ خَرَجْتُمْ مِنْهُ إنَّمَا قَالَ النَّاسُ قَوْلَيْنِ‏:‏ أَحَدُهُمَا إنْ قَالَ بَعْضُهُمْ قَوْلَ ابْنِ عُمَرَ أُولَئِكَ اسْتَعْمَلُوا الْأَغْلَبَ فَجَعَلُوا الْخَلِيَّةَ وَالْبَرِيَّةَ وَالْبَتَّةَ ثَلاَثًا كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلاَثًا وَآخَرُونَ قَالُوا بِقَوْلِ عُمَرَ فِي الْبَتَّةِ يَدِينُ فَإِنْ أَرَادَ ثَلاَثًا فَثَلاَثٌ وَإِنْ أَرَادَ وَاحِدَةً فَوَاحِدَةٌ وَآخَرُونَ ذَهَبُوا إلَى أَنَّ الْكَلِمَةَ احْتَمَلَتْ مَعْنَيَيْنِ فَجَعَلُوا عَلَيْهِ الْأَقَلَّ فَجَعَلُوا الْخَلِيَّةَ وَالْبَرِيَّةَ وَاحِدَةً إذَا أَرَادَ بِهَا الطَّلاَقَ وَقَوْلُكُمْ خَارِجٌ مِنْ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا رَوَيْتُمْ وَجَمِيعِ الْآثَارِ فِي بَعْضِهِ وَزِدْتُمْ قَوْلاً ثَالِثًا هُوَ دَاخِلٌ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَهُوَ أَنْ يُمَلِّكَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ أَمْرَهَا فَرَوَيْتُمْ عَنْ ابْنِ عُمَرَ الْقَضَاءَ مَا قَضَتْ إلَّا أَنْ يُنَاكِرَهَا ثُمَّ زَعَمْتُمْ أَنَّهُ إنْ مَلَّكَ امْرَأَتَهُ أَمْرَهَا وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا فَهَكَذَا وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا نَوَيْتُمُوهُ وَالْبَتَّةُ لَيْسَتْ مَذْهَبَكُمْ إنَّمَا الْبَتَّةُ مَذْهَبُ مَنْ لاَ يُوقِعُ عَلَيْهَا الطَّلاَقَ إذَا احْتَمَلَ الْكَلاَمُ الطَّلاَقَ وَغَيْرَهُ إلَّا بِإِرَادَةِ الطَّلاَقِ كَمَا رَوَيْنَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ عُمَرَ وَغَيْرِهِمَا‏.‏

بَابٌ فِي بَيْعِ الْحَيَوَانِ

قَدْ سَأَلْت الشَّافِعِيَّ عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ فَقَالَ‏:‏ لاَ رِبًا فِي الْحَيَوَانِ يَدًا بِيَدٍ وَنَسِيئَةً وَلاَ يَعْدُو الرِّبَا فِي زِيَادَةِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَالْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ فَقُلْت‏:‏ وَمَا الْحُجَّةُ فِيهِ‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ فِيهِ حَدِيثٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَابِتٌ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ مِنْ رِوَايَةِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَمِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ أَحَادِيثُ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ اشْتَرَى رَاحِلَةً بِأَرْبَعَةِ أَبْعِرَةٍ مَضْمُونَةٍ عَلَيْهِ بِالرَّبَذَةِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّ عَلِيًّا بَاعَ جَمَلاً لَهُ يُقَالُ لَهُ عُصَيْفِير بِعِشْرِينَ بَعِيرًا إلَى أَجَلٍ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ كَانَ يَقُولُ‏:‏ لاَ رِبًا فِي الْحَيَوَانِ وَإِنَّمَا نُهِيَ مِنْ الْحَيَوَانِ عَنْ ثَلاَثٍ الْمَضَامِينُ وَالْمَلاَقِيحُ وَحَبَلُ الْحَبَلَةِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ اثْنَيْنِ بِوَاحِدٍ إلَى أَجَلٍ قَالَ‏:‏ لاَ بَأْسَ بِهِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَبِهَذَا كُلِّهِ نَقُولُ وَخَالَفْتُمْ هَذَا كُلَّهُ وَمِثْلُ هَذَا يَكُونُ عِنْدَكُمْ الْعَمَلُ لِأَنَّكُمْ رَوَيْتُمْ عَنْ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجُلَيْنِ مِنْ التَّابِعِينَ أَحَدُهُمَا أَسَنُّ مِنْ الْآخَرِ وَقُلْتُمْ لاَ يَجُوزُ الْبَعِيرُ بِالْبَعِيرَيْنِ إلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ رِحْلَتُهُمَا وَنَجَابَتُهُمَا فَيَجُوزَ فَإِنْ أَرَدْتُمْ بِهَا قِيَاسًا عَلَى التَّمْرِ بِالتَّمْرِ فَذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ إلَّا كَيْلاً بِكَيْلٍ وَلَوْ كَانَ أَحَدُ التَّمْرَيْنِ خَيْرًا مِنْ الْآخَرِ وَلاَ يَصْلُحُ شَيْءٌ مِنْ الطَّعَامِ بِشَيْءٍ مِنْ الطَّعَامِ نَسِيئَةً وَأَنْتُمْ تُجِيزُونَ بَعْضَ الْحَيَوَانِ بِبَعْضٍ نَسِيئَةً فَلَمْ تَتَّبِعُوا فِيهِ مَنْ رَوَيْتُمْ عَنْهُ إجَازَتَهُ مِمَّنْ سَمَّيْت وَلَمْ تَجْعَلُوهُ قِيَاسًا عَلَى غَيْرِهِ وَقُلْتُمْ فِيهِ قَوْلاً مُتَنَاقِضًا خَارِجًا مِنْ السُّنَّةِ وَالْآثَارِ وَالْقِيَاسِ وَالْمَعْقُولِ لَعَمْرِي إنْ حَرُمَ الْبَعِيرُ بِالْبَعِيرَيْنِ مِثْلِهِ فِي الرِّحْلَةِ وَالنَّجَابَةِ مَا يَعْدُو أَنْ يَحْرُمَ خَبَرًا وَالْخَبَرُ يَدُلُّ عَلَى إحْلاَلِهِ وَقَدْ خَالَفْتُمُوهُ وَلَوْ حَرَّمْتُمُوهُ قِيَاسًا عَلَى مَا الزِّيَادَةُ فِي بَعْضِهِ عَلَى بَعْضِ الرِّبَا لَقَدْ خَالَفْتُمْ الْقِيَاسَ وَأَجَزْتُمْ الْبَعِيرَ بِالْبَعِيرَيْنِ مِثْلِهِ وَزِيَادَةِ دَرَاهِمَ وَلَيْسَ يَجُوزُ التَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَزِيَادَةِ دَرَاهِمَ وَلاَ شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ وَمَا عَلِمْت أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَوْلَكُمْ وَإِنَّ عَامَّةَ الْمُفْتِينَ بِمَكَّةَ وَالْأَمْصَارِ لَعَلَى خِلاَفِ قَوْلِكُمْ وَإِنَّ قَوْلَكُمْ لَخَارِجٌ مِنْ الْآثَارِ يُخَالِفُهَا كُلَّهَا مَا رَوَيْتُمْ مِنْهَا وَرَوَى غَيْرُكُمْ خَارِجٌ مِنْ الْقِيَاسِ وَالْمَعْقُولِ فَكَيْفَ جَازَ لِأَحَدٍ قَوْلٌ يُسْتَدْرَكُ فِيهِ مَا وَصَفْت ثُمَّ لاَ يُسْتَدْرَكُ فِي قَلِيلٍ مِنْ قَوْلِهِ بَلْ فِي كَثِيرٍ وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ أُذَيْنَةَ قَالَ‏:‏ خَرَجْت مَعَ جَدَّةٍ لِي عَلَيْهَا مَشْيٌ إلَى بَيْتِ اللَّهِ حَتَّى إذَا كَانَتْ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ عَجَزَتْ فَسَأَلْت عَبْدَ اللَّهَ بْنَ عُمَرَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ‏:‏ مُرْهَا فَلْتَرْكَبْ ثُمَّ لِتَمْشِ مِنْ حَيْثُ عَجَزَتْ قَالَ مَالِكٌ‏:‏ وَعَلَيْهَا الْهَدْيُ

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ‏:‏ كَانَ عَلَيَّ مَشْيٌ فَأَصَابَتْنِي خَاصِرَةٌ فَرَكِبْت حَتَّى أَتَيْت مَكَّةَ فَسَأَلْت عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ وَغَيْرَهُ فَقَالُوا‏:‏ عَلَيْك هَدْيٌ فَلَمَّا قَدِمْت الْمَدِينَةَ سَأَلْت فَأَمَرُونِي أَنْ أَمْشِيَ مِنْ حَيْثُ عَجَزْت فَمَشَيْت مَرَّةً أُخْرَى

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ فَرَوَيْتُمْ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَمَرَهَا أَنْ تَمْشِيَ وَرَوَيْتُمْ ذَلِكَ عَمَّنْ سَأَلَ بِالْمَدِينَةِ وَلَمْ تَرْوُوا عَنْهُمْ أَنَّهُمْ أَمَرُوهَا بِهَدْيٍ فَخَالَفْتُمْ فِي أَمْرِهَا بِهَدْيٍ وَهَذَا عِنْدَكُمْ إجْمَاعٌ بِالْمَدِينَةِ وَرَوَيْتُمْ أَنَّ عَطَاءً وَغَيْرَهُ أَمَرُوهُ بِهَدْيٍ وَلَمْ يَأْمُرُوهُ بِمَشْيٍ فَخَالَفَ فِي رِوَايَةِ نَفْسِهِ عَطَاءً وَابْنَ عُمَرَ وَالْمَدَنِيِّينَ وَلاَ أَدْرِي أَيْنَ الْعَمَلُ الَّذِي تَدَّعُونَ مِنْ قَوْلِكُمْ وَلاَ أَيْنَ الْإِجْمَاعُ مِنْهُ هَذَا خِلاَفُهُمَا فِيمَا رَوَيْتُمْ وَخِلاَفُ رِوَايَةِ غَيْرِكُمْ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ وَمَا يَجُوزُ مِنْ هَذَا إلَّا وَاحِدٌ مِنْ قَوْلَيْنِ إمَّا قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ يَمْشِي مَا رَكِبَ حَتَّى يَكُونَ بِالْمَشْيِ كُلِّهِ وَإِمَّا أَنْ لاَ يَكُونَ عَلَيْهِ عَوْدَةٌ لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَعَلَيْهِ هَدْيٌ مَكَانَ رُكُوبِهِ وَإِمَّا أَنْ يَمْشِيَ وَيُهْدِيَ فَقَدْ كَلَّفَهُ الْأَمْرَيْنِ مَعًا وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏